يلملم من شظايا العمر أغنية .. عساه ينام ..!
أخرج من المحطة المزدحمة أسمع عبارات دس الأنوف التقليدية في حياتي ..
تاكسي يا أستاذة ؟
يظنون أني غريبة .. أنا من هذه البلد الحزينة يا حمقي .!
أنا مثلها مثل أمواجها شريدة ..
أنا كل حبة من رمالها التى دهسها أقدام الظالمون ...
أنا كل وجع جلست تلمله فتاة مفطورة القلب ..
أنا كل أهة وشهقة خرجت من غريق ...
أنا الفريسة التى رمي لها الصياد الطعم فماتت قبل أن تلقمه ...!
أنا المدينة العجوز التعيسة حتى وإن كنت لا أتذكر .. أنا السواد المتشح هنا .. والموت هناك ..
أعبر الشارع وأنا أتنفس وبرأسي يدور مليون تعليق ...
: كلية تربية ع الترام ؟
يتوقف التاكسي .. أركب وأضم معطفي الأسود على جسدي ليس خوف من برد ولكن إحتماء ..!
صعب أن تبحث عن دفء إذا كنت أنت مصدر البرودة ..!
صوت على الحجار في رأسي والسيارة ترحل بين العابرين .. أتمني منه أن يسير للأبد وأبداً لا يتوقف ..!
الحجار يشدوا بصوته الحزين " ولحني الجميل مين يسمعه ؟ "
أفكر فيه وفي كل ما مضي ..! في الوجع في السواد في صوت الطبيب .. : لماذا ترتدين الأسود دوماً ؟
أرحل مع الكلمات والمدينة الحزينة تستقبلني بإبتسامة جاهدت المسكينة كي تشقها بين وجعها فأبدالها ابتسامة أوسع ...
لا أفكر في أمي .. لا أفكر أنها السبب ولا في كل من كان السبب في أن أترك تلك المدينة الحبيبة ..
لأني نسيت ...! اليس كذلك ؟
يلفت نظري أسم المكتبة التى أشتريت منها كتاب بوذا " يوليس " يوليس التعيس الحزين مثلي .. يوليس الذي تحدثنا عنه .. يوليس ال ..
: أنا بقالي سنتين سواق ..!
التفت إلي السائق محاولة فهم المعلومة التى طرحها علي
: ودي أول مرة أبقي عاوز أعاكس واحدة ..!
ابتسم في استخفاف وأشير إلي الجامعة كي يتوقف ...
أهبط أجر قدماي .. أكاد أشير بالكارنيه للحارس إلا أنه يبتسم كمن يعرفني ويفسح لي دون النظر في الهوية !
التهبيط ..! هو ما شعرت به طوال الأيام الماضية .. هناك من يرجك بإستمرار حتى تصاب بتلك الحالة الغريبة من التهبيط ..!
تنام كأنك لا تنام ..
تأكل ولا تأكل
تصحو ولا تصحو
تضحك ... آآآه .. ولا تضحك ..
تبكي ؟ كأنك تبكي ..!
التهبيط ...
أجلس الآن أمام البحر ... أتأمله بهدوء .. وصوت الحجار لازال يتحدث عن الغرباء .. !
" وكأني في دنيا تانيه .. أغني معه " يضع أمامي النادل القهوة .. أدخن
وأدخن
وأدخن
وأدخن ..
عشرات اللفائف المحترقة والرماد يذهب هناك بعيداً جداً
يرقص .. يسقط ... يتقهقر .. يرتفع .. يرسم حلقات .. سمكات مذبوحات ...
وصمت ..!
أدخن كأن الجحيم ذاته ينتظرني .. أدخن كأني أحاول نفخ روحي في إحدي اللفائف ...
أدخن ...
وفجأة تطفو صورتك في رأسي ..
تختلط بالبحر .. بحجر رميته متمنيه من الله الراحة
بإبتسامتك
بك
أنت ..
ولا غيرك
أفتح الكتاب لأجده يقول ..
كل الأيام فاطمة ...!
فأرد .. كل الأيام هو ..
وألملم رمادي وأرحل ..!