من أين يأتي ؟!

كانت تحدثني دوما بصوت مليء بالشجن " ربنا يلطف بيكِ يا بنتي ..ولا يوقعكيش في ضيقه ..! "

كانت تقولها وأنا احضر لها الخضروات أو استمع لها وهي تشتكي من هم ما ..

لآنه وصف الشغف

لا أعرف متي بدأت أدرك حقيقة الأمر .. فقداني للشغف ..

لا شيء يحمسني تقريباً .. الحياة تافهة من الداخل خاوية ..

أصبحت عاداتي غريبة ..أن أتأمل هؤلاء من حصلوا على منحة الرب من الشغف ولازال لديهم تلك القدرة على ممارستها ..

الشغف في الحب في الحياة في الطعام ..

الشغف فيما نرى ولا نرى ..

الشغف كي نكون أجمل ..

اتأملهم كمن يتأمل خلق جديد لا يعرف من أين يأتي وإلي أين يذهب ..

من هم .. ؟ وكيف هم ؟

الله وصف الشغف للحياة فهل ضاعت مني وصفتي ؟

هل يكمن الحل في أن أجد شغفي الجديد ؟ أو أن أشارك العابرون شغفهم ..؟

هل يكون الحب هو الشغف . ؟ هل أنا لا أستطيع أن أحب لآني لا أملك شغفا ً؟

هل نفذ شغفي ؟ هل من الممكن أن يكون عندي شغفي الخاص مجددا ؟

هل يمنحني الله فرصة الشغف مجدداً ؟ هل الألهة تجدد وصفتها ؟

من أين وإلي أين ؟

شديد الغربة

الفشل في الحاجات الصغيرة اللي كنت واثق منها ومختارها علشان هي مصدر آخر راحة ليك ..

بقت هي كمان مصدر التعب ..

مصدر الألم .. هي الداء .. كاره لشغلك وحياتك وبيتك .. والضوء .. الضوء وتفاصيله مصدر تعاسة في كل حاجة بيفضح الكون قدامك وعيوبه ..

العالم مبقع وصحتك معادتش زي الأول عشان تهرب وتحاول تدور على مكان انضف مكان أشد راحة ..

لكن مفيش .. العالم ضيق وأنت عالق فيه للأبد ..

مفيش موت ..

له ..

كان لي مدينة ذات يوم .. تشبهني كثيراً

لي فيها من الذكريات ما لا يعني سواي ..

اتذكر يا صاحبي .. كان لدي ذلك الشغف الغريب لكل الحياة برغم أني عشت دهراً تحت الأرض لو تفهمني .!

ما اذكره عن نفسي يا صاحبي هو وقفتي ذات يوم على بحرها وحيدة وشعري يتطاير خلف ظهري مسترسلا حرا - عكسي-

يومها حلمت بيديك تأتي لي .. وكنت وحدي .. وحدي .. ثم وحدي ..

لم ينبهني سوي نداء خافت يستأذنني أن ألتقط له صورة بخلفية البحر الثائرة .. وفعلت .!

مضحك هو عقلي حقاً .. حين يحكي لك عن أشياء لا تدركها في غيابك ..

أنت لن تعود .. ومثله لن يعود لروحي شعري حراً .. رأسي مكبله مثلي يا صاحبي الآن .. بخصلات صغيرة ..

وأنت لن تدري عن هذا أمر ..

وجدت نفسي قربك ..

كلمات الهايكو : لعلاء ربيع .

يقول درويش .. وجدت نفسي قرب نفسي فابتعدت .!

كيف لنا بعد ذلك أن نقترب ؟

النفس غريبة عنا .. تتخبط في أفكار شديدة القسوة والتيه ..

ما كان يشبهنا فيما مضي ويرفه عن تعاستنا أصبح لا يجدي .

فابتعدنا .!

ابتعدنا عن الشخص الذي كان يتمسك بنا في لحظات شديدة الشجن والوجد .

لم تعد ذات الفتاة أنا التى تضحك .. أو ترتدي أو تحلم ..

بل ثٌقل لا يشبهني يربطني لقاع شديد الكأبة والسواد ..

أقول لطبيبتي بابتسامة لزجة وهي تردد على مسامعي أني لا يجب أن أكون وحدي ..

: حقاً ؟ تخشين علي من الأدوار المرتفعة ؟ لي أربع سنوات يا سيدتي على نفس الحيز الضيق العالي الشاهق ولم أسقط ..

لن أسقط .. سأموت ببطء ادرك هذا .. لكن في سبيل هذا الطريق .. سأكون غيري .. ويكون الآخرون غير .. وحين تلتقي الوجوه .. سنكون غرباء .!

وسيقضي الله وقته وحيداً باحثا عن شخص قريب يترجي السعادة فلن يجد .!

هُم الأشد حزناً ..

للحزن رب يحميه ..
لا توجد صورة لنبي إلا وكانت عيناه تقطر حزن منها ..

صور مريم العذراء كلها تعاسة وشجن .. عيسي وموسي .

لعل لو أن هناك صورة لمحمد أيضاً لرأينا فيها التعاسة واضحة .

لا أعرف .. ماذا بعد أن يكون من يدركون بقدرته ووجوده هم الأشد حزن ؟

هل هذه رسالة واضحة لنا .. إننا ندرك يا مساكين أنه في المعرفة حزن أشد ..

هل الحزن هبة الأنبياء فقط والسعادة هبة السذاجة وجهنم ..

هل سندخل الجنة لأننا - برغم كل الأخطاء - لازالنا نحزن ولا نعرف سبيل للفرحة ..

هل نطلب منه أن يربت على القلب المشقوق أم نترك التصدع يكبر حتى يبتلعنا بداخله ..

لا أعرف .. 

لآن الله لا يحب الغرباء ..

الصور القديمة  التى نحتفظ بيها داخلنا تقتلنا ..

فكلما أردت أن أتيقن من أنه لازال لدي بعض الحياة لأقتلها طالعت صوري القديمة ..
أخاف جداً .. لم يعد شيء مني يشبهني

بداخل الشجن غربة .. وبعين أمي غربة ..

وبعيني غربة

الأيام لا تشبهنا يا وقت ..

والغرباء في كل مكان حولنا .. والله لا يحبهم .
يملؤن الكون تعاسة يتساقطون ..

والله لا يسمعهم

يبكون ..
والله لا يراهم

يحملون بوطن

والله لا يوقظهم .

والله غريب مثلهم .. 

وحيد

فطوبي للغرباء بلا أب .. بلا بيت .. بلا وسادة ولا ذراع ترد عنهم البرد

طوبي لنصف سرير بجوار الباب .

طوبي لحضن أبي ..

عزيزي الوقت .. أخبر الله ..

أن يحبنا قليلا .!

الذي عرف .

يقول الرجل الذي لا يشبهك ..

أنا أشبهه .. أعرفه لآني أشبهه ..

أقول .. مامن شبه .. ما من شجن يتسع كي يخلف في عيني ضباب يعرقل الأمر بذهني كي أظن للحظة ... أنك هو .!