.................................................
.............................................................
.........................................................................
الصورة للفنان إيمان المالكي
كنت أنوي أن أكتب شيئا مختلف هذه المرة ..!
خاطرة ربما .. عن كارثة تدعي الحب تجعلنا نفقد كل شيء في المقابل لهذه الكلمة القاسية التي تأخذ أكثر مما تعطي ..
أو كنت أفكر في إضافة خاطرة سندريلا والأمير مع ردود العزيزة سهر بعد أن استأذنتها ..
فكرت أيضا أن أضع قصة فأنا قاصة في الأساس .. ربما بطحة .. أو تنتظر شيار .. أو حتى مذاق الأمطار ..!
وكنت عاقدة النية علي وضع قصيدة جميلة جدا .. ليست لي طبعا بل لصديقي الشاعر محمد فوزي .. وإن كان لم يرسل لي عنوانها حتى الآن فتحيرت في اختيار عنوان لها ..!
ثم فكرت في وضع تدوينة عادية ففي الأساس هذه مدونة .. مثل مثلا تدوينة عن تأثير كلمات الأغاني علي في قالب ساخر ..!
وفي نفس الوقت .. كنت انوي الرد علي تاج العزيزة فاطمة من أجل عينيك .. ومن ثم إلقاءه للعزيزة إيما ومدونة منسي وحر في خيالك .. ومحمد أمين وشئونه الداخلية ..
وهناك أيضا تاج أخر رائع وصلني وكنت انوي الرد عليه ..
وكان بداخلي نية التحدث عن أصدقائي وبالذات العزيزة إيما في ثرثرة من ثرثراتي التي اصدعكم بها ..
وربما الخروج غدا ..
الغريب .. أني كنت انوي علي فعل أشياء كثيرة ومن ضمنها أن احكي لكم عن أجازتي الأخيرة ..
كل هذا دار بذهني وأنا جالسة بمكتبي اعمل أو اصطنع أني اعمل ربما لأنه لا عمل واني وحيدة .. كل هذا حدث قبل أن تأتي هي وتذهب ..!
أسمعكم تسألون من هي .؟
إنها امرأة لعلها تخطت عقدها الثالث بعدة سنوات ليست كثيرة فأنا لست خبيرة في الأمور السنية تلك .. ..
كما قلت لكم مسبقا كنت جالسة وحيدة بانتظار أن تمر تلك الساعات السخيفة وأنا أصغي لصوت صلاة التراويح آتي من الجامع القريب .. وفي نفس الوقت يرن هاتفي بموسيقي هادئة فأنظر إلي رقم الطالب وأتنهد ولا أجيب ..!
رأيتها تدخل علي .. باكية علي وشك الإصابة بانهيار عصبي ..
وسأبوح لكم بسر صغير .. أنا اغرب شخص يأتي بردود أفعال في هذه الحياة .. قد يكون بداخلي رد فعل مغاير تماما لما يظهر علي وجهي ..
لن أنكر أن وجهها أصابني بالهلع .. فانا أخاف دموع أي إنسان واعتبرها أمر مقدس .. وإن كان رد الفعل الوحيد الذي فعلته هو أن عقدت حاجبي .. أي والله هكذا فقط قطبت ونظرت لها وأنا اهتز بالمقعد المتأرجح إياه ..
- مكتب أستاذ محمد المحامي ..
كان هذا سؤالها رددت عليها وأنا أحاول أن لا أركز في دموعها
- اها .. أي خدمة ؟
- أنا عايدة ..!
قالتها كأنه من المفروض أن اعرف من هي عايدة .. هززت رأسي بمعني حسنا وأنا انتظر رد أخر يوضح من هي عايدة .. إلا أنها وبكل دهشة انهارت علي الأرض ..
هنا وقفت أنا مرة واحدة وركضت من جلستي وأحضرت لها كوبا من الماء وعاونتها علي الجلوس علي اقرب مقعد .. ناولتها منديلا وقد كاد قلبي أنا أن يتوقف
أنا : أرجوكي اهدي
هي : حاضر تبكي
أناولها منديلا آخر وقد بدأت أصاب بالعصبية والتوتر
أنا : وحدي الله كده ..
هدأت المرأة قليلا ومن بين دموعها نظرت لي ممتنة .. فقلت لها وأنا أجلس أمامها منتظرة أن تفصح عن سبب كل هذه المقدمات المناسبة لجو أفلام الرعب .. بكت وهي تقول ..
هي : هو أستاذ محمد مش هنا ؟
أنا : والله مش هنا
قلتها فشهقت ملتاعة وتسارعت أنفاسها فقلت مهدئة الموقف
- ايه .. ايه .. اهدي كده .. ممكن اتصل اجيبهولك .. هو في المكتب الجديد بس اهدي وبطلي عياط ..
واتجهت إلي تليفون المكتب لأتصل بهم في محاولة مني لإنهاء ذلك الموقف المثير للأعصاب ..طلبت الرقم وانتظرت أن يرد علي أستاذ محمد فأتاني صوت فجر المرح قائلا
- ايه يا جميل
- بلا جميل بلا بتاع .. أستاذ محمد فين ؟
- مش هنا ..
قالتها بدلع فجززت علي أسناني .. في غيظ وأنا أقول لها
- في ست هنا بتقول انه اسمها عايدة وعماله تعيط .. وعايزة أستاذ محمد شوفيه فين وابعتيه لو مش عايزة الست دي تموت هنا يعني ..!
صمتت فجر لدقيقة تحاول أن تفهم كم الكلام الذي قلته .. أو كأنها تحاول أن تدرك يقينا إن كنت امزح أم لا ..إلا أن استقرت أني لا امزح فليس من عوايدي المزاح بعد الإفطار ولا قبله ..!
- عايدة مين ؟ معندناش عميلة بالاسم ده .. بصي يا جومانا حاولي تفهمي منها إيه الموضوع لحد ما اتصل بأستاذ محمد ع الموبيل ..
وضعت السماعة وأنا انظر للمرأة تجلس بالخارج وحيدة باكية .. تحركت باتجاهها قائلة وأنا أحاول أن انتقي كلماتي
- أستاذ محمد مش هناك للأسف بس ها يحولوا يوصلوا ليه .. في أي حاجة اقدر اعملهالك ؟
نظرت لي والدموع لا تكف عن الانهمار من عينيها كما لو كانت صنبور مياه تالف بحاجة . لجلدة أو سباك .. وكنت أنا أحاول أن أكون هذا السباك ..ناولتني ورقة تأملت الورقة فإذا بها دعوى قضائية خارجة من مكتبنا .. والأسلوب والصيغة ينم عن أني من كتبها وطبعها علي الكمبيوتر .. هي دعوى عدم أحقية الزوجة في نفقة لأنها .. ناشز ..!
نظرت لها وأنا لا ادري يقينا بماذا أجيب فقالت هي موفرة علي الكلام
- قولي لأستاذ محمد المحامي .. أن يرحم ..من أين أكل وأطعم أطفالي بعد أن رمانا زوجي المحترم ..
اتسعت عيناي والمرأة تتابع قائلة
- بعد طول العشرة دى يبهدلنى كده ..حسبي الله ونعم الوكيل .. حسبي الله ونعم والوكيل .. وكمان ملزمة بأتعاب المحاماة .. .. لا حول ولا قوة إلا بالله .. حسبي الله ونعم الوكيل ..
قالتها وهي تتحرك تجر جسدها مغادرة المكتب .. سقطت علي اقرب مقعد والورقة بيدي ..كلماتها لازالت ترن برأسي
- بعد طول العشرة دي .. أبقه ناشز .. طب أكل عياله منين .. حسبي الله ونعم الوكيل ..
أنا ادري من داخلي بأن المحامي ليس له ذنب .. لكن هل حقا يديه بيضاء .؟ وأنا ؟ والقاضي ؟ وزوجها ؟ وأولادها ..كل هؤلاء من المخطئ ها هنا .؟
- جومانا
رفعت رأسي إلي مصدر الصوت فوجدتها فجر نظرت لي قائلة
- إيه مال وشك اصفر كده مش بتفطري في رمضان ولا إيه ؟
لم أجيب فتابعت قائلة
- فين الست اللي عايزة أستاذ محمد؟
ناولتها الورقة التي بيدي فأخذتها مني وقرأتها ثم نظرت لي في دهشة قائلة
- هي عايدة دي المعلن إليها ..؟
- آه
- طب وكانت عاوزه إيه ؟
- عاوزه تأكل عيالها .!
قلتها وأنا الملم حقيبتي إعلانا بعودتي لمنزلي فنظرت لي فجر تحاول أن تفيق من الصدمة ثم قالت
- وهو أحنا هنا مطعم . ؟ مقالتش عايزه إيه تاني .؟
- آه قالت
قلتها وأنا ادفع الباب في هدوء فتساءلت فجر قائلة
- قالت إيه ؟
تنهدت وأنا أكاد اختفي
- قالت حسبي الله ونعم الوكيل ..!
وتحركت مبتعدة ..!